الخميس ٩ شوال ١٤٤٥ هـ الموافق لـ ١٨ أبريل/ نيسان ٢٠٢٤ م

المنصور الهاشمي الخراساني

 جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٦. اضغط هنا لقراءته. جديد الأسئلة والأجوبة: هناك آية في سورة الأعراف فيها نداء لبني آدم أنّه «إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي ۙ فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ». هل لفظ «إمّا» يفيد الحدوث في المستقبل، وبالتالي يدلّ على بعثة رسل بعد محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد الشبهات والردود: إنّي قرأت كتاب «العودة إلى الإسلام» للمنصور الهاشمي الخراساني، فوجدته أقرب إلى الحقّ بالنسبة لما يذهب إليه الشيعة، ولكنّ المنصور أيضًا مشرك وكافر مثلهم؛ لأنّه قد فسّر آيات القرآن برأيه؛ لأنّك إذا قرأت ما قبل كثير من الآيات التي استدلّ بها على رأيه أو ما بعدها علمت أنّها لا علاقة لها بموضوع البحث؛ منها آية التطهير، فإنّ اللّه قد خاطب فيها نساء النبيّ، ولكنّ المنصور جعلها مقصورة على عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وأثبت بها إمامتهم من عند اللّه! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الكتب: تمّ نشر الطبعة الخامسة من الكتاب القيّم «الكلم الطّيّب؛ مجموعة رسائل السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر مقالة جديدة بعنوان «عمليّة طوفان الأقصى؛ ملحمة فاخرة كما يقال أم إقدام غير معقول؟!» بقلم «حسن ميرزايي». اضغط هنا لقراءتها. جديد الأقوال: قولان من جنابه في بيان وجوب العقيقة عن المولود. اضغط هنا لقراءتهما. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
عدم اعتبار الإجماع

إنّ الجماعة بمعنى الأكثريّة السّاحقة من المسلمين، لا يمكن أن تكون معيارًا للحقّ، ولا وجه للتقيّد بها، وليس أهلها أهل الحقّ بالضّرورة، ولذلك قيل أنّ الجماعة أهل الحقّ وإن قلّوا؛ كما أنّ الإجماع، إذا كان معناه الشّهرة وعدم معرفة المخالف، لا أصل له في الإسلام، وليس مثبتًا للحقّ؛ لأنّ عدم معرفة المخالف لا يعني عدم المخالف، والشّهرة لا تدلّ على الحقّانيّة. نعم، اتّفاق المسلمين القطعيّ في الرأي، اعتبارًا لاستحالة اجتماعهم على الباطل، هو كاشف عن الحقّانيّة، ولكن من الواضح أنّ الإستقراء التّامّ لذلك غير ممكن والإستقراء النّاقص لذلك غير مفيد لليقين. بناء على هذا، فإنّ تبرير اعتباره استنادًا إلى أنّه يتضمّن قول النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أو قول خلفائه الراشدين، بناء على القول بحجّيّة قولهم، لا طائل تحته؛ لأنّ القطع بذلك متفرّع من القطع بأصل وجوده، مع أنّ أصل وجوده مبنيّ على الإستقراء النّاقص وهو ظنّيّ، وبالتّالي ليس له اعتبار في الإسلام؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا. [العودة إلى الإسلام، ص٦١ و٦٢]

عدم اعتبار الجمهوريّة

إنّ الجمهوريّة بمعنى الحكومة وفقًا لرأي أكثريّة النّاس غير معقولة؛ لأنّ الحكومة من الأفعال العقلائيّة، وبالتّالي تقوم على العقل، ولا غرض منها سوى جلب المصالح ودرء المفاسد العامّة، في حين أنّ رأي أكثريّة النّاس ليس عقلائيًّا ولا قائمًا على العقل بالضّرورة، ولا يعتبر معيارًا لمعرفة المصالح والمفاسد، ولذلك فالحكومة على وفقه تؤدّي إلى فوات الغرض غالبًا؛ خاصّة في المجتمعات التي عقل أكثريّة النّاس فيها أقلّ نموًّا وموانع المعرفة فيها شائعة؛ لأنّ الحكومة فيها وفقًا لرأي أكثريّة النّاس تؤدّي إلى جلب المفاسد ودرء المصالح العامّة كنتيجة محتومة، في حين أنّ الحكومة وفقًا لرأي أكثريّة النّاس في المجتمعات التي قد نمت عقول أكثريّة النّاس فيها بدرجة كافية وهم أقلّ ابتلاءً بموانع المعرفة، تؤدّي إلى تحقّق الغرض أكثر من فواته، ولذلك ليس من البعيد جواز الحكومة الإستشاريّة في مثل هذه المجتمعات؛ كما اعتبر اللّه الشورى طريقة الصّالحين... ولكنّ الإنصاف أنّ إدارة شؤون المجتمع على أساس المشورة لا تعني الحكومة وفقًا لرأي أكثريّة النّاس بالضّرورة؛ لأنّها قد تكون بمعنى الحكومة وفقًا للرأي الأكثر معقوليّة الذي ينكشف بتبادل آراء النّاس في المشورة، وهذا ما يقتضيه كون العقل معيار المعرفة؛ بالنّظر إلى أنّ أساس جميع أفعال العقلاء هو العقل، وحكومتهم وفقًا لرأي أكثريّة النّاس، إذا كان رأي أكثريّة النّاس قائمًا على العقل، تُعتبر الحكومة على أساس العقل، لا على أساس رأي أكثريّة النّاس، وإذا لم يكن رأيهم قائمًا على العقل، فالحكومة وفقًا له ليست من أفعال العقلاء. [العودة إلى الإسلام، ص٦٢ و٦٣]

تقليد الظالمين

إنّ الكثير من المسلمين يتّبعون حكّامهم الظالمين، في حين أنّ حكّامهم الظالمين، من ناحية، لا يحلّ لهم الحكومة نظرًا إلى أساس الشّرعيّة في الإسلام، ومن ناحية أخرى، لا يحكمون وفقًا للعقل والشّرع بمقتضى كونهم ظالمين، ولذلك لا يجب اتّباعهم عقلًا وشرعًا، بل هو حرام دون أدنى شكّ؛ لأنّ الذين ليس لهم حقّ الحكومة فليس لهم حقّ في أن يُتّبعوا، واتّباعهم بما أنّهم يخالفون العقل والشّرع مخالف لاتّباع العقل والشّرع، وهذه من القضايا الواضحة والضّروريّة. [العودة إلى الإسلام، ص٦٣]

عدم وجوب طاعة الحكّام الظالمين

من المسلّم به أنّ غرض اللّه تعالى من التشريع هو تحقيق العدل بين النّاس؛ كما قال: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ، في حين أنّ حاكميّة الظالمين تمنع تحقيق العدل بين النّاس بلا شكّ، ولذلك فإنّ تشريع طاعتهم وإبقاء حاكميّتهم ينقض غرض اللّه تعالى من التشريع، وهذا يعتبر تناقضًا في تشريعه، وهو محال؛ كما قال سبحانه: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا. [العودة إلى الإسلام، ص٦٥]

عدم وجوب طاعة الحكّام الظالمين

من الواضح أنّ حاكميّة الظالمين، حتّى لو لم تستلزم مخالفة أتباعهم للعقل والشرع، تستلزم على الأقلّ مخالفة أنفسهم للعقل والشّرع، ولذلك فإنّ إبقاء حاكميّتهم، وإن كان بغير طاعتهم فيما يخالفون فيه العقل والشّرع، يعني إبقاء مخالفتهم للعقل والشّرع، وهو إعانة عليها، وبالتّالي يُعتبر مخالفة للعقل والشّرع؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. [العودة إلى الإسلام، ص٦٥]

جزء من رسالة جنابه كتبها في بداية دعوته، فنبّه فيها على أنّه يُعرف بما يدعو إليه، لا باسمه وأوصافه.

اسْتَمِعُوا لِقَوْلِي، وَلَا تَسْأَلُوا مَنْ أَنَا؛ فَإِنَّ الْمَرْءَ يُعْرَفُ بِقَوْلِهِ، وَالْحَكِيمُ يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْلِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى قَائِلِهِ. كَمْ مِنْ صِدْقٍ يَقُولُهُ صَغِيرٌ، وَكَمْ مِنْ كَذِبٍ يَقُولُهُ الْكِبَارُ! الصِّدْقُ صِدْقٌ وَإِنْ قَالَهُ صَغِيرٌ، وَالْكَذِبُ كَذِبٌ وَإِنْ قَالَهُ الْكِبَارُ. فَإِنْ تَعْرِفُوا قَوْلًا لَا يَضُرُّكُمُ الْجَهْلُ بِقَائِلِهِ، وَإِنْ تَجْهَلُوا قَوْلًا لَا تَنْفَعُكُمْ مَعْرِفَةُ قَائِلِهِ. فَاسْتَمِعُوا لِقَوْلِي حَتَّى تَعْرِفُونِي؛ فَإِنَّ الْمَرْءَ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ، وَلَا يُعْرَفُ حَتَّى يَتَكَلَّمَ. إِنَّكُمْ لَمْ تُؤْتَوُا الْأُذُنَ إِلَّا لِتَسْمَعُوا، وَلَمْ تُؤْتَوُا الْعَيْنَ إِلَّا لِتُبْصِرُوا، وَلَمْ تُؤْتَوُا الْعَقْلَ إِلَّا لِمَعْرِفَةِ مَا تَسْمَعُونَ وَتُبْصِرُونَ أَيُّ ذَلِكَ صِدْقٌ وَأَيُّهُ كَذِبٌ. فَاسْمَعُوا قَوْلِي بِآذَانِكُمْ، ثُمَّ تَدَبَّرُوهُ بِعُقُولِكُمْ، لِتَقْبَلُوهُ إِنْ كَانَ صِدْقًا، وَتَرْفُضُوهُ إِنْ كَانَ كَذِبًا. أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُوَفِّقَكُمْ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يُرِيدُ أَنْ لَا تَسْمَعُوا لِكَيْ لَا تَعْرِفُوا، وَلَا تَعْرِفُوا لِكَيْ تَخْسَرُوا، وَهَلِ الْخُسْرَانُ إِلَّا عَقِيبُ الْجَهْلِ؟! [الرسالة الأولى]

رسالة من جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من حبّ الدّنيا.

إِنَّ عِبَادَ اللَّهِ هُمُ الْمُتَّقُونَ، وَهُمْ أَهْلُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالْقَوْلِ الطَّيِّبِ، وَأَهْلُ الْوَرَعِ وَالتَّعَفُّفِ؛ الَّذِينَ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ، وَقَرَّتْ فِي مَكَانِهَا بِرَجَائِهِ؛ الَّذِينَ جَفَّتْ شِفَاهُهُمْ مِنَ الذِّكْرِ الْكَثِيرِ، وَخَمُصَتْ بُطُونُهُمْ مِنَ الصِّيَامِ الْمُتَتَابِعِ؛ الَّذِينَ تَخَلَّصَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْ فَخِّ الْهَوَى، وَعَلَا وُجُوهَهُمْ غُبَارُ الْخُشُوعِ؛ الَّذِينَ هَذَّبَ قُلُوبَهُمْ ذِكْرُ الْمَوْتِ، وَأَهَانَ عَلَيْهِمُ الدُّنْيَا ذِكْرُ الْآخِرَةِ؛ سَلَبَهُمُ النَّوْمَ هَمُّ التَّكَالِيفِ، وَمَنَعَهُمُ الْأَكْلَ غَمُّ الْحُقُوقِ؛ اسْتَأْنَسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ النَّاسُ، وَاسْتَوْحَشُوا مِمَّا اسْتَأْنَسَ بِهِ النَّاسُ؛ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ عَنْ قَرِيبٍ يَرْتَحِلُونَ إِلَى دِيَارٍ أُخْرَى، وَعَلَيْهِمْ أَنْ يَتَزَوَّدُوا لِهَذِهِ الرِّحْلَةِ؛ يَعْلَمُونَ أَنَّ أَمَامَهُمْ طَرِيقًا طَوِيلًا، وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ تَخَطِّي عَقَبَاتٍ وَعْرَةٍ؛ طَرِيقًا لَمْ يَرْجِعْ سَالِكُوهُ أَبَدًا، وَعَقَبَاتٍ كَأَنَّهَا ابْتَلَعَتْ مُسَافِرِيهَا. آهٍ، مَا أَقْرَبَ الْيَوْمَ مِنَ الْغَدِ! فَإِنَّهُمْ يَبْكُونَ مِنْ فِكْرَةِ هَذِهِ الرِّحْلَةِ، وَيَسْتَعِدُّونَ لَهَا؛ كَأَنَّهُمْ يَلْفِظُونَ أَنْفَاسَهُمُ الْأَخِيرَةَ، أَوْ كَأَنَّهُمْ مَاتُوا قَبْلَ أَنْ يَمُوتُوا! [الرسالة الثانية]

رسالة من جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من حبّ الدّنيا.

الدُّنْيَا كَأَنَّهَا امْرَأَةٌ صَدَاقُهَا الْمَوْتُ، أَوْ بَغِيَّةٌ أُجْرَتُهَا الْفَضِيحَةُ. فَلَا تَتَّخِذْهَا زَوْجَةً، وَلَا تُبَاشِرْهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْغَادِرَةَ قَتَلَتْ أَزْوَاجَهَا وَنَهَبَتْ مِيرَاثَهُمْ، وَنَوَّمَتْ عُشَّاقَهَا وَسَرَقَتْ أَمْوَالَهُمْ. فَلَا تَخْلُبَنَّ قَلْبَكَ بِتَبَرُّجِهَا، وَلَا تَخْدَعَنَّكَ بِغُنْجِهَا... الدُّنْيَا كَبِئْرٍ جَافٍّ أَوْ مُلَطَّخٍ بِالنَّجَاسَاتِ؛ فَلَا تُدْلِ دَلْوَكَ فِيهَا، وَلَا تَتَّخِذْهَا مَنْهَلًا... الدُّنْيَا سُلَّمٌ مَنْخُورٌ لَا يُرْكَنُ إِلَيْهِ؛ أَوْ تُشْبِهُ جُحْرَ ثُعْبَانٍ لَمْ يُدْخِلْ أَحَدٌ يَدَهُ فِيهِ إِلَّا لَدَغَهُ؛ أَوْ جِيفَةً تَدْعُو الضِّبَاعَ وَتُجْمِعُ الذُّبَابَ، وَتُنَفِّرُ الْأَسَدَ وَتُقَرِّفُ الْبَشَرَ... الدُّنْيَا امْرَأَةٌ لَا تَلِدُ، وَشَجَرَةٌ لَا تُثْمِرُ، وَسَحَابَةٌ لَا تُمْطِرُ، وَظِلٌّ لَا يَدُومُ. فَإِيَّاكَ وَالْإِعْتِمَادَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْإِعْتِمَادَ عَلَيْهَا هُوَ الْإِعْتِمَادُ عَلَى الرِّيحِ، وَمُصَادَقَتُهَا هِيَ مُصَادَقَةُ الذِّئْبِ، وَمَنْ يَقْوَى عَلَى مُصَادَقَةِ الذِّئْبِ؟! [الرسالة الثانية]

رسالة من جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من حبّ الدّنيا.

إِيَّاكَ وَحُبَّ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا خَذَلَتْ أَشَدَّ النَّاسِ حُبًّا لَهَا. فَإِنْ كُنْتَ فِي رَيْبٍ مِنْ ذَلِكَ، فَانْظُرْ إِلَى أَسْلَافِكَ، الَّذِينَ كَانُوا فِي جِوَارِكَ حِينًا مِنَ الدَّهْرِ، وَالْيَوْمَ لَا يُوجَدُ لَهُمْ أَثَرٌ. فَانْظُرْ فِي أَحْوَالِهِمْ، وَاعْتَبِرْ بِعَاقِبَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا آدَمِيِّينَ مِثْلَكَ، فَضَغَطَ رِقَابَهُمُ الْمَوْتُ، وَبَلَعَ أَجْسَادَهُمُ الْقَبْرُ، وَمَحَى آثَارَهُمُ الزَّمَنُ. أَفَحَسِبْتَ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَكَ مَا أَصَابَهُمْ؟! كَيْفَ؟! وَقَدْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَشَدَّ مِنْكَ قُوَّةً أَوْ أَكْثَرَ مَالًا، فَمَا نَفَعَتْهُمْ قُوَّتُهُمْ وَلَا أَمْوَالُهُمْ شَيْئًا، وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِمْ أَنَّهُمْ سَقَطُوا فِي هُوَّةِ الْمَوْتِ. فَلَا تُغْفِلَنَّكَ مُعَاشَرَةُ الْأَحْيَاءِ عَنِ الْأَمْوَاتِ، حَتَّى تُنَافِسَهُمْ فِي كَسْبِ الْأَمْوَالِ، وَبِنَاءِ الْبُيُوتِ، وَشِرَاءِ الْآلَاتِ، وَاتِّخَاذِ الْأَزْوَاجِ، وَالْخَوْضِ فِي اللَّذَّاتِ؛ لِأَنَّ الْأَحْيَاءَ هُمْ أَمْوَاتُ الْمُسْتَقْبَلِ، كَمَا أَنَّ الْأَمْوَاتَ هُمْ أَحْيَاءُ الْمَاضِي... كَمْ مِنْ رُقُودٍ لَمْ يَسْتَيْقِظُوا، وَكَمْ مِنْ ذَاهِبِينَ لَمْ يَعُودُوا، وَكَمْ مِنْ مَرْضَى لَمْ يَبْرَؤُوا! كُلُّ مَنْ يَعِيشُ يَمُوتُ، وَكُلُّ مَنْ يَأْكُلُ يَأْكُلُهُ التُّرَابُ... [الرسالة الثانية]

رسالة من جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من حبّ الدّنيا.

خُذْ عِنَانَكَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَسَلِّمْهُ إِلَى خَلِيفَةِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَقُودُكَ إِلَى النَّارِ، وَخَلِيفَةَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يَدْعُوكَ إِلَى الْجَنَّةِ... إِنَّ الَّذِينَ يَعْصُونَ اللَّهَ لَيْسُوا بِأَنْصَارِ الْمَهْدِيِّ؛ إِنَّما أَنْصَارُهُ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَصَغَائِرَهُ؛ يَقُومُونَ اللَّيْلَ بِالصَّلَاةِ، وَيَقْضُونَ النَّهَارَ بِطَلَبِ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمِهِ الْآخَرِينَ؛ يُؤْمِنُونَ بِمَوَاعِيدِ اللَّهِ، وَيَخَافُونَ يَوْمَ الْجَزَاءِ؛ الْيَوْمَ الَّذِي يَشْخَصُونَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِمْ، وَيَجِدُونَ مَا عَمِلُوا حَاضِرًا. [الرسالة الثانية]

في أحكام الخروج على الحكّام الظالمين وإعانة الخوارج عليهم

أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ الْهَاشِمِيَّ الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: لَا تُعِينُوا الْحُكَّامَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِذْ يَخْتَصِمُونَ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ لَكُمْ نَفْعًا وَإِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُهُمْ، وَلَا تَتَعَصَّبُوا لِأَحَدِهِمْ تَعَصُّبَ الْجَاهِلِيَّةِ، تَقُولُوا: هُوَ مِنْ قَوْمِي وَمَذْهَبِي، فَإِنَّ الظَّالِمَ لَا قَوْمَ لَهُ وَلَا مَذْهَبَ، وَلَا تَخْرُجُوا عَلَى أَحَدِهِمْ حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَكُمْ إِلَى الْمَهْدِيِّ سَبِيلًا. [الفقرة ١ من القول ٥٢]

في أحكام الخروج على الحكّام الظالمين وإعانة الخوارج عليهم

أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُمْ جَبَّارَيْنِ يَقْتَتِلَانِ بِرَمْلٍ فَذَرُوهُمَا يَحْثُو أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ حَتَّى يَهْلِكَ الْأَعْجَزُ! قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنَ الشِّيعَةِ وَالْآخَرُ مِنَ السُّنَّةِ؟ قَالَ: ذَرُوهُمَا، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ يَهُودِيًّا؟ قَالَ: إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَعِينُوا الْمُسْلِمَ، لِكَيْ لَا يَغْلِبَ عَلَيْكُمُ الْيَهُودِيُّ فَيَسُبَّ نَبِيَّكُمْ، وَيُحْرِقَ كِتَابَكُمْ، وَيَهْدِمَ مَسَاجِدَكُمْ. [الفقرة ٢ من القول ٥٢]

في بيان أنّ الغُسل يجزي عن الوضوء.

أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ الْهَاشِمِيَّ الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: الْغُسْلُ الْوُضُوءُ الْأَكْبَرُ، قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَا يُجْزِي عَنِ الْوُضُوءِ إِلَّا الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ! قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَيُجْزِي الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَلَا يُجْزِي الْغُسْلُ مِنَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ؟! أَفَلَا يَعْقِلُونَ؟! [الفقرة ١ من القول ٥٣]

في بيان ما يُعرف به الدّجّالون والأدعياء الكذبة

أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ الْهَاشِمِيَّ الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: يُعْرَفُ الْكَذَّابُ بِسِتِّ خِصَالٍ: يَدَّعِي مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إِثْبَاتِهِ، وَيُغَيِّرُ دَعْوَاهُ، وَيُخْبِرُ عَمَّا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْضِ، وَيُحَدِّثُ النَّاسَ بِمَا لَا يَعْرِفُونَ، وَيُفَسِّرُ الْقُرْآنَ بِرَأْيِهِ يَزْعُمُ أَنَّهُ بَاطِنُهُ، وَيَحْتَجُّ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. [الفقرة ١ من القول ٥٧]

في بيان ما يُعرف به الدّجّالون والأدعياء الكذبة

أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: مَا كَذَبَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَمَا كَذَبُوا عَلَى الْمَهْدِيِّ، فَمَنْ أَتَاكُمْ يَدْعُوكُمْ إِلَى نَفْسِهِ مُحْتَجًّا عَلَيْكُمْ بِخَبَرِ وَاحِدٍ فَلَا تُصَدِّقُوهُ! قُلْتُ: وَإِنْ وَافَقَهُ ذَلِكَ الْخَبَرُ؟! قَالَ: وَإِنْ وَافَقَهُ ذَلِكَ الْخَبَرُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يُعْبَدَ بِخَبَرِ وَاحِدٍ. [الفقرة ٢ من القول ٥٧]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

رَوَى عَلِيُّ بْنُ بَابَوَيْهِ [ت٣٢٩ه‍] فِي «الْإِمَامَةِ وَالتَّبْصِرَةِ»، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ وَصَفْوَانِ بْنِ يَحْيَى وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَيْرَةِ وَعَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ كُلِّهِمْ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَدَعِ الْأَرْضَ إِلَّا وَفِيهَا عَالِمٌ يَعْلَمُ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ، فَإِذَا زَادَ الْمُؤْمِنُونَ رَدَّهُمْ وَإِنْ نَقَصُوا أَكْمَلَهُ لَهُمْ، فَقَالَ: خُذُوهُ كَامِلًا، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَالْتَبَسَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَمْرُهُمْ، وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: كَذَلِكَ نَقُولُ لِلنَّاسِ: خُذُوا الدِّينَ كَامِلًا لَا نُقْصَانَ فِيهِ وَخَالِصًا لَا زِيَادَةَ مَعَهُ؛ فَإِنَّمَا مَثَلُهُ كَمَثَلِ النَّارِ إِنِ ازْدَادَتْ حَرَّقَتِ الطَّعَامَ وَإِنْ نَقَصَتْ لَمْ تَطْبَخْهُ. [الباب ١، الدرس ٧٣]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُعْبَدُ فِي الْأَرْضِ بِإِمَامٍ مَيِّتٍ؛ لِأَنَّ عِبَادَتَهُ فِيهَا إِقَامَةُ حُدُودِهِ وَتَنْفِيذُ أَحْكَامِهِ وَإِدَارَةُ أَمْوَالِهِ وَجِهَادُ أَعْدَائِهِ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إِلَى إِمَامٍ حَيٍّ، فَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ أَبْدَلَ اللَّهُ مَكَانَهُ مِثْلَهُ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ عَلَى سُنَّتِهِ فِي النَّسْخِ وَالْإِنْسَاءِ؛ كَمَا قَالَ: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَإِلَى قَوْلِي هَذَا أَشَارَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ- إِذْ قَالَ لِعِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَمَا إِنَّكَ يَا عِيسَى لَا تَكُونُ مُؤْمِنًا حَتَّى تَعْرِفَ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ، قَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَمَا مَعْرِفَةُ النَّاسِخِ مِنَ الْمَنْسُوخِ؟ قَالَ: أَلَيْسَ تَكُونُ مَعَ الْإِمَامِ مُوَطِّنًا نَفْسَكَ عَلَى حُسْنِ النِّيَّةِ فِي طَاعَتِهِ فَيَمْضِي ذَلِكَ الْإِمَامُ وَيَأْتِي إِمَامٌ آخَرُ فَتُوَطِّنُ نَفْسَكَ عَلَى حُسْنِ النِّيَّةِ فِي طَاعَتِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَذَا مَعْرِفَةُ النَّاسِخِ مِنَ الْمَنْسُوخِ وَرُوِيَ أَنَّ الْمُعَلَّى بْنَ خُنَيْسٍ سَأَلَهُ عَنِ الْحَدِيثِ الَّذِي يُرْوَى عَنِ الْإِمَامِ الْمَاضِي، فَقَالَ: خُذُوا بِهِ حَتَّى يَبْلُغَكُمْ عَنِ الْحَيِّ، فَإِنْ بَلَغَكُمْ عَنِ الْحَيِّ فَخُذُوا بِقَوْلِهِ. [الباب ١، الدرس ٧٨]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُعْبَدُ فِي الْأَرْضِ بِإِمَامٍ غَائِبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ فِي غَيْبَتِهِ أَنْ يُقِيمَ الْحُدُودَ وَيَأْخُذَ الصَّدَقَاتِ وَيُنَفِّذَ الْأَحْكَامَ وَيُجَاهِدَ الْأَعْدَاءَ وَلَوْ تَنَاوَلَ ذَلِكَ غَيْرُهُ عَجَزَ عَنْ كَثِيرٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِيهِ وَلَا يُوَفِّقُهُ وَلَوْ أَدْرَكَ شَيْئًا لَا يُقْبَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهُ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. [الباب ١، الدرس ٧٨]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

رَوَى عَلِيُّ بْنُ بَابَوَيْهِ [ت٣٢٩ه‍] فِي «الْإِمَامَةِ وَالتَّبْصِرَةِ»، عَنِ الْحِمْيَرِيِّ، عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ -يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: لَا تَبْقَى الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ ظَاهِرٍ أَوْ بَاطِنٍ.

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُعْبَدُ فِي الْأَرْضِ إِلَّا بِإِمَامٍ حَيٍّ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ عِبَادَتَهُ فِيهَا إِقَامَةُ حُدُودِهِ وَتَنْفِيذُ أَحْكَامِهِ وَإِدَارَةُ أَمْوَالِهِ وَجِهَادُ أَعْدَائِهِ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إِلَى إِمَامٍ حَيٍّ ظَاهِرٍ، فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ إِمَامًا حَيًّا ظَاهِرًا فَمَا أَتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا جَعَلَ لَهُمْ طَرِيقًا إِلَى عِبَادَتِهِ. فَإِنْ تَرَكُوا عِبَادَتَهُ فَلَيْسَ لِلَّهِ عَلَيْهِمْ حُجَّةٌ، إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ إِمَامًا حَيًّا ظَاهِرًا، فَحَمَلُوهُ عَلَى الْإِخْتِفَاءِ بِظُلْمِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ثُمَّ تَرَكُوا عِبَادَةَ اللَّهِ فَقَدْ جَعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْهِمْ حُجَّةً؛ كَمَا قَالَ: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ، وَقَالَ: ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِنْ جَعَلَ لَهُمْ إِمَامًا حَيًّا ظَاهِرًا فَقَتَلُوهُ بِظُلْمِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ إِذَا حَمَلُوهُ عَلَى الْإِخْتِفَاءِ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُظْهِرُوهُ إِذَا تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَلَكِنَّهُمْ إِنْ قَتَلُوهُ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُحْيُوهُ وَالْإِمَامُ إِذَا كَانَ مُخْتَفِيًا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعِينَهُمْ عَلَى التَّوْبَةِ وَالْإِصْلَاحِ بِدُعَائِهِ وَبَرَكَاتِهِ وَاتِّصَالِهِ بِبَعْضِ الصَّالِحِينَ وَرُبَمَا يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ مِنْ دُونِ أَنْ يَعْرِفُوهُ وَلَكِنَّهُ إِنْ مَاتَ لَا يَسْتَطِيعُ شَيْئًا وَلِذَلِكَ يَجُوزُ فِي عَدْلِ اللَّهِ وَلُطْفِهِ أَنْ يُخْفِيَ الْإِمَامَ إِذَا عَلِمَ مِنْ عِبَادِهِ الشَّرَّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمِيتَهُ مِنْ دُونِ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ بَدِيلًا. [الباب ١، الدرس ٧٩]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: زَعَمَ بَعْضُ الْكَارِهِينَ لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ أَنَّ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي أَنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ هُمْ أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ، وَلَيْسَ كَمَا زَعَمُوا، بَلْ هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ يُوَافِقُ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ، وَيُوَافِقُ الْعَقْلَ، كَمَا صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ [ت٤٩٥ه‍] فِي «الْمُسْتَدْرَكِ»، وَالْمَوْضُوعُ حَدِيثٌ صَحَّحُوهُ لِيُعَارِضُوا بِهِ الْحَقَّ، وَفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ»، وَهُوَ حَدِيثٌ بَاطِلٌ يُخَالِفُ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ، وَيُخَالِفُ الْعَقْلَ؛ لِأَنَّهُ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِـ«مَا يُوعَدُونَ» الْعَذَابَ أَوِ السَّاعَةَ فَلَمْ يَأْتِيَا أُمَّتَهُ إِذْ ذَهَبَ أَصْحَابُهُ، وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ الْإِخْتِلَافَ فَقَدْ أَتَاهُمْ وَأَصْحَابُهُ فِيهِمْ، بَلْ أَصْحَابُهُ أَسَّسُوا بُنْيَانَهُ بِاخْتِلَافِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَمَا كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ، وَلَمْ يَقُلْهُ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى، وَهُوَ رَجُلُ سَوْءٍ يُبْغِضُ عَلِيًّا وَيُوَالِي أَعْدَاءَهُ، وَقَدْ شَهِدَ عَلَى حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَمْرٍ مِنْ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ، وَالظَّنُّ أَنَّهُ حَرَّفَ الْحَدِيثَ بُغْضًا لِأَهْلِ الْبَيْتِ، وَالْجَاهِلُ مَنْ أَمِنَهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَالصَّحِيحُ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرًا، وَقَدْ جَاءَ مِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ. [الباب ١، الدرس ٨٢]

ليس من المستحيل عقلًا أو شرعًا وجود نائب أو رسول أو ولد للإمام المهديّ عليه السلام، بناء على القول بوجوده في الوقت الحاضر؛ لأنّ الإمام المهديّ عليه السلام، بناء على القول بوجوده في الوقت الحاضر، هو بشر مثل سائر الناس، ويمكنه مثلهم أن يستنيب لبعض أموره، أو يبعث رجلًا في حاجته، أو يتّخذ زوجة فيولد له، ولكن بما أنّ نيابة أو رسالة أو ولديّة شخص لآخر هي شيء مخالف للأصل، يجب على مدّعيها إثباتها بالدليل المعتبر شرعًا، وليس من ذلك الأحلام ولا أخبار الآحاد؛ لأنّه لم يرد في الكتاب والسنّة ما يدلّ على جواز الأخذ بالأحلام في قبول دعاوي الناس إذا لم يكن لهم بيّنة أو كانت البيّنة عليهم، ولا يُقبل من القاضي أن يحكم بدون البيّنة أو بخلافها معتذرًا بأنّه رأى في النوم ما يقتضي ذلك، وكذلك ليس لأحد أن يعتقد أو يعمل بشيء لا حجّة له من العقل والشرع محتجًّا بأنّه رأى في النوم ما يدلّ على ذلك، وهذا ما جاء عن أهل البيت عليهم السلام بصراحة إذ قالوا: «إِنَّ دِينَ اللَّهِ أَعَزُّ مِنْ أَنْ يُرَى فِي النَّوْمِ»، وإنّما يُستثنى من ذلك ما يراه معصوم؛ كما رآه إبراهيم عليه السلام... وما يراه غير معصوم ولكن يعبّره معصوم؛ كما رآه فرعون فعبّره يوسف عليه السلام... وأمّا غيرهما ممّا يراه الناس أو يعبّرونه فليس بشيء وغاية ما يفيده الظنّ؛ كما أنّ أخبار الآحاد أيضًا ظنّيّة الصدور ولذلك لا يجوز الأخذ بهما فيما يتعلّق بالدين؛ لصريح قول اللّه تعالى: ﴿إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا. بناء على هذا، فإنّ المدّعين الذين يعتبرون أنفسهم في الوقت الحاضر ولد الإمام المهديّ عليه السلام ونائبه ورسوله مستشهدين بالأحلام ومتأوّلين لبعض أخبار الآحاد، يدّعون شيئًا لا يمكن تصديقه شرعًا. [السؤال والجواب ٤]

الممهّدون الصادقون لظهور المهديّ هم جماعة من أهل خراسان قد خرجوا برايات سود في طلب المهديّ، فيدعون إليه دعوة خالصة، ليس فيها شرك ولا شبهة، وقائدهم المنصور هو عالم صالح لا يقول ما ليس له بحقّ. إنّه لا يدّعي أنّه المهديّ، ولا يدّعي أنّه ابنه، ولا يدّعي أنّه نائبه، ولا يدّعي أنّه رسوله، ولكنّه يدعو إليه في الممارسة العمليّة، ويمهّد لظهوره على أرض الواقع، وكلّ من كان اللّه يريد به خيرًا فهو يسارع إليه ولو حبوًا على الثلج. [السؤال والجواب ٤ التعليقات]

تتحقّق حاكميّة الشيطان المعلنة على العالم عندما يصل خليفته في العالم إلى الحكومة، لينفّذ أحكامه في العالم نيابة عنه. إنّ «خليفة الشيطان» هذا، هو إنسان يقال له «الدّجّال»... في مقابل هذه الشبكة الشيطانيّة السرّيّة والواسعة التي، مع وجود مركز لها في الغرب، تحاول تمهيد الطريق لتحقيق حاكميّة «الدّجّال» على العالم بصفة «خليفة الشيطان»، يتمّ تشكيل شبكة إلهيّة سرّيّة وواسعة، مع وجود مركز لها في الشرق، تحاول تمهيد الطريق لتحقيق حاكميّة «المهديّ» على العالم بصفة «خليفة اللّه»... لقد قال المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى في بعض حِكَمه: «إِنَّ الدَّجَّالَ لَقَبٌ كَفِرْعَوْنَ يَتَوَارَثُهُ رِجَالٌ مِنْ آلِ إِبْلِيسَ» وهذا يعني أنّ «الدّجّال» في علم هذا العالم ليس الإسم الظاهر لـ«خليفة الشيطان»، بل هو لقب عامّ مثل «فرعون» يتمّ إطلاقه في كلّ زمان على أعلى منصب في الشبكة الشيطانيّة ولذلك، لا يوجد زمان بدون «الدّجّال»؛ كما لا يوجد زمان بدون «المهديّ»؛ لأنّ «الدّجّال» خليفة من الشيطان في مقابل خليفة من اللّه، وكلّ خليفة من اللّه يعتبر «مهديًّا»؛ بالنظر إلى أنّ «المهديّ» ليس الإسم الظاهر لـ«خليفة اللّه»، بل هو لقب عامّ مثل «الإمام» يتمّ إطلاقه في كلّ زمان على أعلى منصب في الشبكة الإلهيّة؛ كما قال اللّه تعالى في إبراهيم عليه السلام: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وهذا يعني أنّهم جميعًا كانوا «مهديّين». [السؤال والجواب ١٣]

قال ابن الفقيه (ت٣٦٥هـ) في «البلدان»: «قَدْ كَرِهَ قَوْمٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ السُّكْنَى بِبَغْدَادَ وَالْمُقَامَ بِهَا»، وممّا يدلّ على ذلك ما روي عن سفيان بن عيينة (ت١٩٨هـ)، قال: «رَآنِي قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَلَى قَنْطَرَةِ الصُّرَاةِ، فَقَالَ: النَّجَاءَ، النَّجَاءَ، فَإِنَّا كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ هَذَا الْمَكَانَ الَّذِي يُخْسَفُ بِهِ»، قال سفيان: «وَرَآنِي أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ بِبَغْدَادَ، فَقَالَ: بِأَيِّ ذَنْبٍ دَخَلْتَ بَغْدَادَ؟!»، وذلك لأنّ بغداد كانت في ذلك الزمان عاصمة الجبابرة من بني عبّاس، وأمّا اليوم فليست كما كانت في ذلك الزمان؛ لأنّها لم تعد تختلف عن سائر بلاد المسلمين، وقد سلّمت مقامها السابق إلى الزوراء الآخرة، وهي طهران؛ لأنّ طهران اليوم مثل بغداد في عهد بني عبّاس، بل أسوأ حالًا لاستيلاء شرّ المنافقين والجبّارين عليها، وتليها في هذه الصفة الرياض، وهما تتنافسان على هدم الإسلام وإضلال المسلمين، إحداهما باسم الشيعة والأخرى باسم السنّة، ولذلك ينبغي لأهل المعرفة والتقوى أن لا يسكنوا فيهما، ولا في كلّ بلد آخر يحكمه طاغية تحت ستار الإسلام، إلا لأجل الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كانوا متمكّنين من ذلك؛ لأنّ ذلك فريضة مهمّة لا يجوز تعطيلها مع الإمكان، ولأنّه إذا اجتمع أهل المعرفة والتقوى على الخروج من هذه البلاد الظالم أهلها، قد يأتيها العذاب المذكور في الروايات أو ما هو أشدّ من ذلك؛ لأنّ اللّه تعالى يدفع البلاء عن مثل هذه البلاد بمن فيها من أهل المعرفة والتقوى ما داموا يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. لذلك ينبغي أن يكون في كلّ بلد من بلاد المسلمين عدد من أهل المعرفة والتقوى يدعون فيه إلى الدّين الخالص والتوحيد الكامل والتمهيد لظهور المهديّ عليه السلام سرًّا وجهرًا. [السؤال والجواب ١١٤]

«الإمام» يعني من يؤتمّ به، ولذلك لا يجوز إطلاق الإمام على أحد إلا إذا كان الإئتمام به جائزًا على الإطلاق؛ لأنّ إطلاق الإمام على من لا يجوز الإئتمام به على الإطلاق كذب، وإن كان من الصحيح تسميته بالإمام مقيّدًا، مثل «إمام الجماعة» لمن يؤتمّ به في الصلاة، و«إمام اللغة» لمن يقبل قوله فيها، و«إمام الحديث» لمن يقبل قوله فيه، ومثل ذلك. بناء على هذا، فإنّ من يسمّي نفسه إمامًا دون قيد، أو يسمّيه الآخرون إمامًا دون قيد وهو لا ينهاهم عن ذلك، لا يخلو من حالتين: إمّا أنّ اللّه قد أذن بالإئتمام به مطلقًا، فإنّ إطلاق الإمام عليه في هذه الحالة هو عبادة اللّه، أو أنّ اللّه لم يأذن بالإئتمام به مطلقًا، فإنّ إطلاق الإمام عليه في هذه الحالة هو عبادة الطاغوت أو مثلها؛ لأنّ الإمام في كتاب اللّه قد أُطلق على رجلين: أحدهما رجل يهدي بأمر اللّه؛ كما قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا، والآخر رجل يهدي بغير أمر اللّه؛ كما قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ دون قيد ﴿بِأَمْرِنَا، وبالتالي فإنّ إطلاق الإمام على غير خليفة اللّه في الأرض، إذا كان عن اعتقاد بوجوب الإئتمام به مثل الإئتمام بخليفة اللّه في الأرض فهو شرك، وإذا كان بدون هذا الإعتقاد فهو سوء تعبير وتشبّه بالمشركين، في حين أنّ اللّه تعالى قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا، وقال: ﴿ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّى يُؤْفَكُونَ. [السؤال والجواب ٤٩]

يعتقد المنصور الهاشمي الخراساني أنّ «أكبر خطأ في العالم الحاليّ» ليس «تسليم حكومة البلاد إلى رجال الدّين» فحسب، ولكن تسليم حكومة البلاد إلى جميع الذين لم يعتبرهم خالق العالم أهلًا للحكومة، ومنهم رجال الدّين؛ بالنظر إلى أنّ خالق العالم هو الشخص الأكثر استحقاقًا لإدارته، وهو يفعل ذلك بتقديم «الإنسان الكامل» كخليفة له. نعم، بالطبع إن كنت لا تؤمن بوجود اللّه، فعليك أن تؤمن بوجوده نظرًا إلى آياته في السماء والأرض والنظام الذي وسع كلّ شيء والحركات الإيقاعيّة التي تحكم الطبيعة، ولكن إن كنت تؤمن بوجوده فعليك أن تذعن بهذه الحقيقة المحقّقة أنّ حكم العالم له وحده، وأنّ الإنسان لا يستحقّ أن يحكم الإنسان. إنّ تحقيق العدالة في العالم هو مرهون بتحقيق حاكميّة اللّه عليه، وتتحقّق حاكميّة اللّه عليه عندما يستولي خليفته فيها على الحكم، ويستولي خليفته فيها على الحكم عندما يترك أمثالك رجال الدّين ورجال غير الدّين، ويكفّون عن التردّد بينهما -بين الجبت والطاغوت-، ويحوّلون وجوههم منهما إلى «الإنسان الكامل» -خليفة اللّه في الأرض-، ويمدّون يد الحاجة إلى عتبة بابه، ويخضعون له معترفين بعجزهم، ويطلبون منه أن يمنّ عليهم بالعفو عن تقصيرهم الذي أصرّوا عليه لأكثر من ألف عام، ويقبل الحكم عليهم ليخلّصهم من الذلّة والمسكنة، ويقودهم إلى العزّة والسعادة. هذا هو السبيل الوحيد لنجاتكم، وأيّ سبيل آخر هو سبيل الهلاك، سواء كنتم تسمّونه دينًا أو كفرًا؛ لأنّه بدون اللّه وخليفته في الأرض، لا يوجد فرق ملحوظ بين الدّين والكفر، ومن لا يبايع اللّه وخليفته في الأرض، فليبايع إن شاء رجال الدّين وإن شاء رجال غير الدّين، بل إن شاء فحجرًا وإن شاء فخشبًا؛ لأنّ ذلك سواء بالنسبة له! [الشبهة والرّدّ ١٢]

انظر حولك؛ كم ترى من أضاع أفضل سنوات شبابه في دعم ألعاب سياسيّة حمقاء أو ادّعاءات كاذبة جنونيّة، ولكن لا يخصّص ساعة للتعرّف على النهضة العقلانيّة والقرآنيّة «العودة إلى الإسلام» ودعم زعيمها العالم الذي لا يدّعي لنفسه شيئًا! انظر حولك مرّة أخرى؛ كم ترى من يلقي بثروات طائلة في بحر الأوهام والأماني، أملًا في كسب الأجر وخدمة الإسلام، لكنّه لا ينفق فلسًا في سبيل التمهيد لظهور المهديّ عليه السلام وملء الأرض قسطًا وعدلًا! أولئك الذين أخبر اللّه تعالى عنهم فقال: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ۝ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا. طبعًا لا شكّ أن هذا المكتب في سبيل استمرار رسالته العقليّة والشرعيّة، لا يعتمد على دعم أيّ شخص في العالم إلا ربّه، وسيستمرّ في طريقه المستقيم على الرغم من كلّ المتاعب والصعوبات المتصوّرة، حتى يصل إلى مثله الأعلى المقدّس، وهو إظهار المهديّ عليه السلام وإيصاله إلى الحكم. فذر الذين يملكون السلطة والثروة في الحياة الدنيا ولا ينفقونها في سبيل اللّه، يغترّوا بسلطتهم وثروتهم؛ لأنّنا لسنا في حاجة إليهم، وليست سلطتهم وثروتهم أكثر قيمة عندنا من ميتة كلب. ﴿إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ وليست لأصحاب السلطة والثروة، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ. [الشبهة والرّدّ ١٤]

إنّ المنصور الهاشمي الخراساني هو مجرّد عالم مسلم، نهض بهدف إظهار المهديّ عليه السلام وإيصاله إلى السلطة، ويدعو المسلمين إلى مبايعته بدلًا من مبايعة الآخرين، وبهذه الطريقة يمهّد لإقامة الإسلام الخالص والكامل في العالم ولهذا السبب، يجب على كلّ مسلم نصره. مع ذلك، إن تبيّن لك ولبعض المسلمين الآخرين، لأيّ سبب من الأسباب، أنّه موعود أيضًا بالإضافة إلى هذه الصّفة العينيّة والمشهودة، فإنّ نصره واجب عليكم من باب أولى؛ كما أنّ نصره واجب على المسلمين الذين لم يتبيّن لهم هذا الأمر؛ لأنّ هذا العالم المسلم يدعو إلى المهديّ عليه السلام ويمهّد لظهوره بشكل عينيّ ومشهود، وهذا يكفي لنصرته من قبل أيّ مسلم يخاف اللّه واليوم الآخر؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى... لا يأخذ المنصور الهاشمي الخراساني لنفسه بيعة من أيّ مسلم؛ لأنّه يرى أنّ البيعة للّه وحده، ويريد بذلك أنّ البيعة لمن قد أمر اللّه بمبايعته، وما هو في زماننا هذا إلا المهديّ الذي يجب على كلّ مسلم مبايعته. بناءً على هذا، فإنّ المنصور الهاشمي الخراساني يأخذ البيعة من مسلمي العالم للمهديّ؛ بمعنى أنّه يأخذ منهم عهدًا وموثقًا على أنّهم إن ظهر لهم المهديّ سيحفظونه وينصرونه ويطيعونه، ولا يخذلونه كما خذله الذين من قبلهم. هذا هو موضوع الميثاق الذي يأخذه المنصور الهاشمي الخراساني من كلّ مسلم، وإذا واثقه عدد كافٍ من المسلمين على هذا الموضوع، فسيتمّ تهيئة الظروف لظهور المهديّ إن شاء اللّه. [الشبهة والرّدّ ١٥]

الرسالة الرئيسيّة والواضحة لهذا الكتاب العظيم [كتاب «العودة إلى الإسلام»]، ليست فقطّ «نفي الآخرين»، بل «إثبات المهديّ» و«نفي الآخرين»، وهذا هو مظهر «لا إله إلا اللّه» وتأويل «البيعة للّه» وشعار المنصور الهاشمي الخراساني وركيزة دعوته. كلّ كلام هذا العالم المصلح والمجاهد هو أنّه لا حكومة إلا للّه، ومراده بحكومة اللّه، على عكس مراد الخوارج السخيف والخاطئ، ليس عدم حكومة الإنسان، بل حكومة إنسان اختاره اللّه ونصّ عليه بواسطة كتابه وسنّة نبيّه المتواترة أو بواسطة آية بيّنة، وهو «المهديّ» الذي يعيش الآن بين الناس، لكنّه غائب أي مستتر، وسبب غيبته، خلافًا لتصوّر أكثر الناس، ليس إرادة اللّه وفعله الإبتدائيّين، بل إرادة الناس وفعلهم الإبتدائيّين، إذ أخافوه على نفسه ولم يوفّروا الظروف المناسبة لحكومته ولذلك، فهم مسؤولون عن جميع عواقب وتبعات غيبته، وإن اعُتبرت هذه العواقب والتبعات «طريقًا مسدودًا في أمّة آخر الزمان»؛ لأنّ هذا «الطريق المسدود» لا يُنسب إلى «الإسلام» حتّى يتعارض مع «كماله»، بل يُنسب إلى الناس الذين سبّبوه بسوء اختيارهم؛ ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ. [الشبهة والرّدّ ١٦]

استراتيجيّة المنصور الهاشمي الخراساني لظهور المهديّ وحكومته هي استراتيجيّة شاملة ذات أبعاد أمنيّة وثقافيّة وسياسيّة؛ لأنّه من أجل ظهور المهديّ بمعنى إمكانيّة الوصول إليه، يرى من الضروريّ وجود عدد كافٍ من المسلمين الأقوياء والأمناء لحمايته من الأخطار المحتملة؛ نظرًا لأنّه يرى أنّ السبب الوحيد لعدم ظهوره بمعنى عدم إمكانيّة الوصول إليه، هو خوفه من القتل أو الأسر، ويعتقد أنّه إذا تمّ ضمان سلامته من قبل هذا العدد من المسلمين فإنّ ظهوره بمعنى إمكانيّة الوصول إليه أمر محتوم. بناء على هذا، فإنّه بمقتضى وجوب التمهيد لظهور المهديّ عقلًا وشرعًا، يسعى لجمع عدد كافٍ من المسلمين الأقوياء والأمناء لحمايته من الأخطار المحتملة ويطلب منهم جميعًا المساعدة لهذا الغرض؛ لأنّ في رأي هذا العالم الصدّيق، سيكون ظهور المهديّ أمرًا حتميًّا إذا كان أمنه مضمونًا، حتّى لو لم تكن حكومته ممكنة؛ إذ ليس هناك تلازم بين ظهوره وحكومته، وظهوره بدون حكومته مفيد أيضًا، بل ظهوره مقدّمة لحكومته؛ لأنّ حكومة من ليس بظاهر صعبة، وعليه فإنّ التمهيد لظهوره مقدّمة للتمهيد لحكومته. [الشبهة والرّدّ ١٦]

المهديّ؛ محور اتّحاد المسلمين
محمّد سجّاد العامل

ليس هناك شكّ في أنه على رأس كلّ التطلعات والأهداف المشتركة للعالم الإسلامي، هو إقامة العدل العالمي والقضاء على الظلم والفساد في الأرض في ظلّ دولة إسلامية مستقلة وذات حقيقة إسلامية؛ حكومة وعدها الإسلام المسلمين منذ الأيام الأولى، ولا شكّ أنّ أيّ رغبة مشروعة وصحيحة أخرى سوف تتحقّق في هذه الصورة فقطّ، وأنّ جميع مسلمي العالم لديهم هذه الرغبة، سواء كانوا منتبهين أو غير منتبهين. في هذه الأثناء، ما أوقع كثيرًا من المسلمين في الخطأ وحرّفهم عن المسار الأصلي للإسلام، كان هذا الوهم المشؤوم وبلا اساس بأن لا حاجة لهم إلى هداية من اللّه لتحقيق هذه الأهداف السحيقة والأمنية الجميلة وكلّ مجموعة منهم يمكنها أن تتبع أيّ طريقة تراها صحيحة وتختار أيّ شخص رضيت به لقيادتها وإمامتها نحو هذا الطموح الكبير! لكن نرى بوضوح أنّ هكذا وهم مشؤوم وتصوّر ساذج لحدّ الآن أدّى إلى أيّ نتائج وذهب بالمسلمين إلى أيّ وضع! اليوم كلّ مجموعة من المسلمين سلّطت شخصًا على نفسها وبايعت حاكمًا أعجبها. فئة منهم تحالفت مع الكفّار وجعلت الحكّام المسلمين الذين في الواقع هم منافقون خونة وأشرار حكامًا عليهم وفئة أخرى بتحكّم وتهوّر عجيب تقرّ البيعة للأمراء والخلفاء الداعين لأنفسهم وتحميهم من أجل اكتساب المزيد من القوة والسلطة. لذا فالجهل والظلم والعدوان والحرب والفقر صار مستوليًا عليهم وظلّ الفناء والسقوط يثقل على رأسهم. [المقالة ٤]

المهديّ؛ محور اتّحاد المسلمين
محمّد سجّاد العامل

إنّ المسلمين تجاهلوا اللّه ولم يضعوا إرادته ومشيئته في هذا الأمر في الحسبان وتخلّفوا عن الطريقة التي وضعها لهم للوصول إلى هذا الهدف السامي. لقد نسي المسلمون أنّ إذن اللّه وأمره هو أصل واُسّ الخلق وحجر أساس خلقة هذا العالم وكلّ الأُمور والمعادلات والحسابات لا تجري إلّا بمشيئته وإرادته ومن دونها لا تتحرّك حصاة على الأرض. لقد نسي المسلمون أنّ اللّه عيّن سبيلًا وطريقة لتحقيق وعوده ولتحصيلها جعل الإلتزام بهذا السبيل والطريقة ضروريًا. غفل مسلمو العالم عن هذه الحقيقة العظيمة أنّ اللّه تعالى جعل الولاية والبيعة لنفسه فقطّ ونهاهم عن اتّخاذ شريك له فيها وجعل الإشراك فيها مصداقًا للشرك باللّه. حقًّا، كيف لهم أن يصلوا إلى مثل هذا الهدف المقدّس بالشرك باللّه وبمخالفة أمره؟! لا شكّ أنّ اللّه المتعال هو الحاكم الحقيقي والمالك الأصلي لهذا العالم والحكم عليه يليق به حصرًا. لذلك فإنّ تحقّق حكومة العدل العالمية تتيسّر بالطريقة التي يريدها هو فقطّ والحاكم الذي اختاره للناس هو الوحيد الذي يقدر على إقامة العدل لا أحد آخر. هذه حقيقة قد أغفلت ونسيت تمامًا بالرغم من وضوحها وحقانيّتها وبالطبع فإنّ هذا النسيان غريب جدًّا؛ إذ أنّ جميع المسلمين متّفقون على أنّ القائم بالحقّ ومقيم العدل على الأرض والشخص الوحيد الذي أخبر اللّه بخروجه وقيامه بالحقّ والعدل وانتصاره النهائي، بحسب الأخبار المتواترة هو مهديّ آل محمد؛ «الذي يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملأت ظلمًا وجورًا» ولا يوجد هكذا اتّفاق حول شخص آخر. هذا يعني أنّه هو الحاكم الوحيد المشروع والمرضيّ للّه في هذا الزمان وحاليًا الشخص الوحيد الذي يجوز لمسلمي العالم بل يجب عليهم مبايعته، هو المهديّ وكلّ بيعة مع غيره، هي عصيان لأمر اللّه، وبالتالي اتّباع الشيطان وبتعبير القرآن يعدّ التحاكم إلى الطاغوت وهذا يدلّ على غاية أهمية ومحورية مبايعة المهديّ في التعاليم الإسلامية. [المقالة ٤]

المهديّ؛ محور اتّحاد المسلمين
محمّد سجّاد العامل

إنّ مبايعة المهديّ هي بديل مبايعة ظلمة وطواغيت العالم، وبالتالي ستكون السبب في تضعيف قواهم وسقوط حاكميّتهم ومن جهة أخرى يضمن وحدة مسلمي العالم واجتماعهم تحت راية واحدة؛ لأنّه يبدو أنّ اختلاف وتفرّق الأمة ناشئ من الحكومات المختلفة وتحزّب المسلمين هو معلول اتّباعهم للحكّام والقوى السياسية المتفرّقة ومن الطبيعيّ أنّ كلّ فرقة ومجموعة وقوم من المسلمين تتبع زعيمها، وأنّ زعماء العالم الإسلامي كلّ يدعو إلى نفسه ونسي المهدي؛ لأنّهم إمّا أن يكونوا متجاهلين له بالأساس وعاجزين عن ذكر اسمه أو أنّهم يبلّغون أنّ ظهور المهديّ بعيد جدًّا ولا يُعلم في أيّ زمان سيحدث. كذلك يواجه زعماء العالم الإسلامي المهديّ علموا أم جهلوا ويمنعون الرأي العامّ من التأمّل حوله. في مثل هذه الظروف، لو تصوّرنا أنّ نداء الدّعوة للمهديّ والإلتحاق به والإنسلاخ عن غيره يصل إلى جميع المسلمين في العالم ويترك جميعهم الحكّام الذين انتخبوهم من دون إذن اللّه ويهرعون إلى المهديّ، ماذا سيحصل؟ حقًا مع انطلاق نهضة الحماية والطاعة للمهديّ وارتفاع شعار عودة المسلمين إليه، ماذا سيحدث في المنطقة والعالم؟ [المقالة ٤]

المهديّ؛ محور اتّحاد المسلمين
محمّد سجّاد العامل

الظاهر أنّ أول نتيجة مباركة لهكذا حركة توعوية، هي اتّحاد المسلمين في صفّ واحد وتحت بيرق واحد وتعاونهم وتوافقهم في ظلّ مبايعة خليفة اللّه وهذه أول خطوة في طريق تحقّق غايتنا الإسلامية العالية يعني تحقّق حاكميّة المهديّ عليه السلام؛ لأنّه لا ريب أنّ الإتّحاد الحقيقي والتكاتف العميق بين صفوف المسلمين، هو مقدّمة للثورة العالمية المهدوية. باعتقادنا أنّ هكذا نهضة إسلامية مباركة جعلت غايتها اتّحاد جميع المسلمين تحت بيرق المهديّ قد بدأت ونادت بنداء «العودة إلى الإسلام». إنّ قيادة هذه النهضة هي على عاتق العالم الحاذق والمناضل، سماحة العلامة المنصور الهاشمي الخراساني الذي بشجاعة خارقة ومدهشة، وضع كلمة «البيعة للّه» شعارًا لنهضته ويعتقد أنّ المصداق الوحيد للبيعة مع اللّه في عصرنا هو البيعة مع خليفة اللّه المهديّ من آل محمّد وكلّ بيعة أخرى في هذا الزمان، تعدّ مصداقًا لمبايعة الطاغوت. إذن «البيعة للّه» هي بمعنى انحصار الحكومة والقدرة في من اختاره اللّه كخليفة له وذلك ليس سوى المهديّ. هذا الذي بيده راية الإسلام الخالص والكامل، بتقديمه لهكذا قرائة أصيلة ومعتبرة، يعتقد أنّ المهديّ هو عمود خيمة الإسلام وإذا لم يثبَّت هذا العمود في الأرض، لن تقوم خيمة الإسلام. لذا فإنّ وظيفة كلّ فرد من مسلمي العالم، الحماية الكاملة والصادقة للمهديّ والنصرة والعون والطاعة له. لذلك يمكننا تسمية نهضة هذا العالم الكبير نهضة «العودة إلى الإسلام» أو نهضة العودة إلى المهديّ؛ لأنّه هو الركن الركين والمقيم الموعود للإسلام وأنّ العودة إليه في الحقيقة هي العودة إلى الإسلام الحقيقي. [المقالة ٤]

سيطرة المنافقين على العالم الإسلامي
مجتبى المزروعي

لقد وصل عناصر النفاق إلى السلطة في البلدان الإسلامية، وحكموا المسلمين؛ الحكام الذين يبدو أنهم مسلمون، لكنّ ولائهم وانقيادهم للكفار أو ضدّيتهم وعداءهم للتيارات الإسلامية يحكي عن كفرهم في الباطن. مجموعة منهم بشعارات سنّيّة ينشرون التفكير المنحط الأمويّ والعباسيّ في الكثير من الممالك الإسلامية وبإشاعة الإفراط وبالحماية السياسية والتسليحية للعصابات الإرهابية، يستهدفون نفوس وأموال المسلمين الأبرياء وفريق منهم بشعارات شيعيّة ينشرون الخرافات والبدع المذهبية في الدّول الإسلامية ويوجبون وهن الإسلام والإختلاف بين المسلمين، والعجيب أنهما اتّفقا على العداء لأطهر دعوة هذا العصر إلى إقامة الإسلام الكامل والخالص في العالم، ولا يتهاونان في الأعمال الشريرة والشيطانية لحفظ قدرتهما ومنع خليفة اللّه في الأرض من الوصول إلى السلطة! كما على سبيل المثال، أنّ عناصرهما المرتزقة وعملائهما الذين لا يؤمنون إلا بأربابهم، يتآمرون كلّ يوم لضرب نهضة «العودة إلى الإسلام» المطهّرة وهم سدٌّ في طريق قائدها الحرّ والكبير المنصور الهاشمي الخراساني ولذلك، يقترفون أيّ كذب وتهمة وظلم وعمل خبيث مؤذي. كم من الشبّان المثقفين والمتدينين الذين يمضون ويتألمون في سجونهم بجرم إجابتهم دعوة الحقّ إلى الإسلام الخالص والكامل، وكم من الرجال والنساء المحترمين والشرفاء الذين ينال من عرضهم ويتعرضون للشماتة والإهانة بجرم ترجيحهم للمهديّ على أربابهم! [المقالة ٥]